فصل: (سورة آل عمران: آية 119)

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.الصرف:

{صرّ} حرّ شديد محرق أو برد شديد مهلك أو صوت لهيب النار تكون في الريح، من صرّ الشيء يصرّ باب ضرب، فهو اسم على وزن فعل بكسر فسكون، وقد يستعمل استعمال الصفة فيقال ريح صرّ أي ريح باردة.

.البلاغة:

1- التشبيه التمثيلي: فقد شبه ما أنفقوا في ضياعه وذهابه بالكلية من غير أن يعود إليهم نفع ما بحرث كفار ضربته صر فاستأصلته ولم يبق لهم فيه منفعة ما بوجه من الوجوه وهو من التشبيه المركب.
2- {فيها صِرٌّ} صفة بمعنى بارد إلا أن موصوفه محذوف أي برد بارد فهو من الاسناد المجازي كظل ظليل.
3- التتميم: وهو أن يأتي المتكلم بكلمة إذا طرحت من الكلام نقص معناه في ذاته أو صفاته، والتتميم هنا في كلمة {فِيها صِرٌّ} فإنها أفادت المبالغة كما أفادت التجسيد والتشخيص، كما تقول برد بارد وليلة ليلاء.

.الفوائد:

1- مرّ معنا ذكر التمثيل المشتمل على الحركة والتشخيص ويبدو هنا على أشده في قوله تعالى: {مَثَلُ ما يُنْفِقُونَ فِي هذِهِ الْحَياةِ الدُّنْيا كَمَثَلِ رِيحٍ فِيها صِرٌّ أَصابَتْ حَرْثَ قَوْمٍ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَأَهْلَكَتْهُ}.
وهكذا نجد أن الأسلوب القرآني قد استخدم وسائل كثيرة تخاطب عقول الناس مرة وحواسهم مرة وقد تجمع بين سائر ملكات السامع فذلك أدعى للاقناع وأقوى في التأثير، وهذا وجه يحسن تخصيصه ببحث ضاف يجلي فضائله ويوضح تأثيره.

.[سورة آل عمران: آية 118]

{يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا بِطانَةً مِنْ دُونِكُمْ لا يَأْلُونَكُمْ خَبالًا وَدُّوا ما عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضاءُ مِنْ أَفْواهِهِمْ وَما تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآياتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ (118)}.

.الإعراب:

{يا} أداة نداء (أيّ) منادى نكرة مقصودة مبنيّ على الضمّ في محلّ نصب و(ها) حرف تنبيه {الذين} اسم موصول مبنيّ في محلّ نصب بدل من أيّ أو نعت له {آمنوا} فعل ماض وفاعله {لا} ناهية جازمة {تتّخذوا} مضارع مجزوم وعلامة الجزم حذف النون... والواو فاعل {بطانة} مفعول به منصوب (من دون) جارّ ومجرور متعلّق بمحذوف نعت لبطانة و(كم) ضمير مضاف إليه، والمفعول الثاني محذوف، والتقدير أصفياء {لا} نافية (يألون) مضارع مرفوع. والواو فاعل و(كم) ضمير مفعول به بتضمين يألونكم معنى يمنعونكم، {خبالا} مفعول به ثان منصوب بحسب التضمين السابق، {ودّوا} مثل آمنوا ما حرف مصدريّ {عنتّم} فعل ماض وفاعله.
والمصدر المؤول {ما عنتّم} في محلّ نصب مفعول به عامله ودّوا.
{قد} حرف تحقيق {بدت} فعل ماض مبنيّ على الفتح المقدّر على الألف المحذوفة لالتقاء الساكنين والتاء للتأنيث {البغضاء} فاعل مرفوع (من أفواه) جارّ ومجرور متعلّق بـ {بدت}، و(هم) ضمير مضاف إليه، (الواو) عاطفة أو حالية ما اسم موصول مبنيّ في محلّ رفع مبتدأ {تخفي} مضارع مرفوع وعلامة الرفع الضمّة المقدّرة (صدور) فاعل مرفوع و(هم) ضمير مضاف إليه {أكبر} خبر مرفوع {قد} مثل الأول {بيّنا} فعل ماض وفاعله اللام حرف جرّ و(كم) ضمير في محلّ جرّ متعلّق بـ {بيّنا}، {الآيات} مفعول به منصوب وعلامة النصب الكسرة إن حرف شرط جازم {كنتم} فعل ماض ناقص مبنيّ على السكون في محلّ جزم فعل الشرط، والضمير (تم) اسم كان {تعقلون} مضارع مرفوع... والواو فاعل.
جملة النداء: {يأيّها الذين...} لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: {آمنوا} لا محلّ لها صلة الموصول {الذين}.
وجملة: {لا تتّخذوا} لا محلّ لها جواب النداء.
وجملة: {لا يألونكم خبالا} لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: {ودّوا...} لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: {عنتّم} لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ ما.
وجملة: {بدت البغضاء...} لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: {ما تخفي صدورهم} أكبر لا محلّ لها معطوفة على جملة بدت.
وجملة: {تخفي صدورهم} لا محلّ لها صلة الموصول ما.
وجملة: {قد بيّنا لكم...} لا محلّ لها استئنافيّة- أو تعليلية-.
وجملة: {كنتم تعقلون} لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: {تعقلون} في محلّ نصب خبر كنتم... وجواب الشرط محذوف تقديره فلا توالوهم أو فلا تتّخذوا منهم أصدقاء.

.الصرف:

{بطانة}، الخاصة الذين يباطنهم المرء في الأمور، مشتقّة من البطن والباطن دون الظاهر وفعله من باب نصر وزنه فعالة بكسر الفاء، اسم جامد وهو اسم جمع لا مفرد له من لفظه.
{خبالا}، مصدر بمعنى الفساد، وأصله ما يلحق الحيوان من مرض وفتور فيورثه فسادا أو اضطرابا، وفعله خبل يخبل من باب ضرب وهو بالتخفيف على وزن فعال بفتح الفاء أو بالتشديد.
{البغضاء}، مصدر كالسرّاء والضرّاء من بغض يبغض باب نصر وباب كرم وباب فرح، وزنه فعلاء بفتح الفاء.
(أفواه)، جمع فم وأصله فوه فلامه هاء، يدلّ على ذلك جمعه على ذلك وتصغيره فويه، وزنه فعل بضمّ فسكون ووزن أفواه أفعال.
(صدور)، جمع صدر، اسم ذات جامد، وزنه فعل بفتح فسكون.

.البلاغة:

1- {لا تَتَّخِذُوا بِطانَةً} بطانة الرجل ووليجته من يعرفه أسراره ثقة به، شبه ببطانة الثوب كما شبه بالشعار قال صلى الله عليه وسلم: الأنصار شعار والناس دثار.
2- الانفصال: وهو أن يقول المتكلم ما يوهم أنه معلوم ظاهر، ولكنه ينطوي على أمر وراء ذلك، وهو أبعد غاية، وأسمى متناولا وذلك في قوله: {مِنْ أَفْواهِهِمْ}.
فإن المعلوم أن المرء يعبر عما يكنه بفمه، والانفصال في ذلك التسجيل عليهم بأنهم لا يتمالكون أن تند عن ألسنتهم ألفاظ تنم على الشعور بالبغضاء والموجدة.
3- الطباق: بين بدت وتخفي.

.الفوائد:

قوله تعالى: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا بِطانَةً مِنْ دُونِكُمْ}.
1- تقدم معنا أنه يتوصل بأي إلى نداء المعرف بأل والأسماء الموصولة فتصبح أي هي المنادي والاسم الذي يليها يعرب بدلا منها، وتجوز البدلية على اللفظ كما تجوز على المحل، وأما فحوى الآية، فهو التحذير من موالاة اليهود لما كانوا يضمرون من الشر والكيد للمؤمنين ولعلّ هذه الآية تنطبق على حال المؤمنين في كل عصر، وهم بحاجة للعمل بمضمونها حيال كل معتد أثيم أو مغتصب دخيل. وقليل هم الذين يعملون بفحوى كلام الله ويعملون بمقتضاه.

.[سورة آل عمران: آية 119]

{ها أَنْتُمْ أُولاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلا يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتابِ كُلِّهِ وَإِذا لَقُوكُمْ قالُوا آمَنَّا وَإِذا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنامِلَ مِنَ الْغَيْظِ قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ إِنَّ الله عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ (119)}.

.الإعراب:

{ها} حرف تنبيه {أنتم} ضمير منفصل في محلّ رفع مبتدأ {أولاء} اسم إشارة منادى معرفة مبنيّ على الضمّ المقدّر على آخره منع ظهوره حركة البناء الأصليّ في محلّ نصب، (تحبّون) مضارع مرفوع... والواو فاعل و(هم) ضمير مفعول به (الواو) عاطفة {لا} نافية {يحبّونكم} مثل تحبّونهم (الواو) عاطفة {تؤمنون} مثل تحبّون {بالكتاب} جرّ ومجرور متعلّق بـ {تؤمنون}، (كلّ) توكيد معنوي للكتاب مجرور مثله و(الهاء) ضمير مضاف إليه (الواو) عاطفة {إذا} ظرف للزمن المستقبل متضمّن معنى الشرط متعلّق بالجواب قالوا في محلّ نصب (لقوا) فعل ماض مبنيّ على الضمّ... والواو فاعل و(كم) ضمير مفعول به {قالوا} مثل لقوا {آمنّا} فعل ماض وفاعله (الواو) عاطفة {إذا خلوا} مثل إذا لقوا.. والضمّ مقدّر على الألف المحذوفة قبل الواو لالتقاء الساكنين {عضّوا} مثل لقوا (على) حرف جرّ و(كم) ضمير في محلّ جرّ متعلّق بحال من فاعل عضوا أي حانقين عليكم {الأنامل} مفعول به منصوب {من الغيظ} جارّ ومجرور متعلّق بـ {عضّوا} ومن للسببيّة.
{قل} فعل أمر والفاعل ضمير مستتر تقديره أنت {موتوا} فعل أمر مبنيّ على حذف النون... والواو فاعل (بغيظ) جارّ ومجرور متعلّق بـ {موتوا} والباء للسببيّة، إنّ حرف مشبّه بالفعل {الله} لفظ الجلالة اسم إنّ منصوب {عليم} خبر إنّ مرفوع {بذات} جارّ ومجرور متعلّق بعليم {الصّدور} مضاف إليه مجرور.
وجملة: {أنتم... تحبّونهم} لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة النداء: {أولاء} لا محلّ لها اعتراضيّة.
وجملة: {تحبّونهم} في محلّ رفع خبر المبتدأ أنتم.
وجملة: {لا يحبّونكم} في محلّ رفع معطوفة على جملة تحبّونهم.
وجملة: {تؤمنون...} في محلّ رفع معطوفة على جملة تحبّونهم.
وجملة: {لقوكم} في محلّ جرّ مضاف إليه.. وأداة الشرط وفعل الشرط وجوابه في محلّ رفع معطوفة على جملة: {تحبّونهم}.
وجملة: {قالوا} لا محلّ لها جواب شرط غير جازم.
وجملة: {آمنّا} في محلّ نصب مقول القول.
وجملة: {خلوا} في محلّ جرّ مضاف إليه.. وأداة الشرط وفعل الشرط وجوابه في محلّ رفع معطوفة على جملة تحبّونهم.
وجملة: {عضّوا} لا محلّ لها جواب شرط غير جازم.
وجملة: {قل...} لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: {موتوا...} في محلّ نصب مقول القول.
وجملة: {إنّ الله عليم} لا محلّ لها استئنافيّة.

.الصرف:

{الأنامل}، جمع أنملة، اسم جامد رأس الأصبع وزنه أفعلة بضمّ الهمزة وضمّ العين أو بفتحهما أو بكسرهما، وبضمّ الهمزة وفتح العين أو كسرها، وبفتح الهمزة وضمّ العين أو كسرها، وبكسر الهمزة وفتح العين- أي بتثليث الهمزة والعين- ويجوز جمعه على أنملات أيضا بتثليث الحرفين.
{الغيظ}، مصدر سماعيّ لفعل غاظ يغيظ باب ضرب، واسم مصدر لفعل غيظ الرباعي المشدّد العين وأغاظ الرباعيّ وغايظ، وزنه فعل بفتح فسكون.

.البلاغة:

1- {عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنامِلَ} عض الأنامل عادة النادم الأسيف العاجز، ولهذا أشير به إلى حال هؤلاء وليس المراد أن هناك عضا بالفعل وهذا على سبيل الكناية عن صفة.
(2) وفي الآية خروج الأمر عن معناه الحقيقي إلى معنى الدعاء عليهم بدوام الغيظ وزيادته بتضاعف قوة الإسلام وأهله إلى أن يهلكوا به أو باشتداده إلى أن يهلكهم.

.الفوائد:

- من غريب الإعراب ما ذهب إليه الكوفيون أن أسماء الإشارة إذا أريد منها التقريب أصبحت من أخوات كان ترفع الاسم وتنصب الخبر فيعربون اسم الإشارة اسما ناقصا والمرفوع اسم التقريب والمنصوب خبر التقريب، وقد يكون الحق في جانبهم إذ لكل مجتهد نصيب فاختر ما تراه أقرب إلى الحق.

.[سورة آل عمران: آية 120]

{إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِها وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ الله بِما يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ (120)}.

.الإعراب:

إن حرف شرط جازم (تمسس) مضارع مجزوم فعل الشرط و(كم) ضمير مفعول به {حسنة} فاعل مرفوع (تسؤ) مضارع مجزوم جواب الشرط و(هم) ضمير متّصل مفعول به والفاعل ضمير مستتر تقديره هي (الواو) عاطفة {تصبكم سيّئة} مثل تمسسكم حسنة {يفرحوا} مضارع مجزوم وعلامة الجزم حذف النون... والواو فاعل (الباء) حرف جرّ و(ها) ضمير في محلّ جرّ متعلّق بـ {يفرحوا}، (الواو) حرف عطف {إن تصبروا} حرف شرط جازم وفعل الشرط وعلامة الجزم حذف النون.. والواو فاعل {تتّقوا} مثل تصبروا ومعطوف عليه {لا} نافية.
(يضرّ) مضارع مرفوع والفاء مقدّرة و(كم) ضمير مفعول به (كيد) فاعل مرفوع و(هم) ضمير مضاف إليه {شيئا} مفعول مطلق نائب عن المصدر منصوب أي شيئا من الضرر إنّ حرف مشبّه بالفعل {الله} لفظ الجلالة اسم إنّ منصوب (الباء) حرف جرّ ما اسم موصول.
مبنيّ في محلّ جرّ متعلّق بمحيط {يعملون} مضارع مرفوع... والواو فاعل {محيط} خبر إنّ مرفوع.
جملة: {تمسسكم حسنة} لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: {تسؤهم} لا محلّ لها جواب شرط جازم غير مقترنة بالفاء.
وجملة: {تصبكم سيّئة} لا محلّ لها معطوفة على الاستئنافيّة.
وجملة: {يفرحوا بها} لا محلّ لها معطوفة على الاستئنافيّة.
وجملة: {تتّقوا} لا محلّ لها معطوفة على جملة تصبروا.
وجملة: {لا يضرّكم كيدهم} في محلّ جزم جواب الشرط بتقدير الفاء.
وجملة: {إنّ الله... محيط} لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: {يعملون} لا محلّ لها صلة الموصول الاسميّ أو الحرفيّ ما.

.الصرف:

(كيد) مصدر سماعيّ لفعل كاد يكيد باب ضرب، وزنه فعل بفتح فسكون.
{محيط}، اسم من أحاط الرباعيّ وزنه مفعل بضمّ الميم وكسر العين وسكّن حرف العلّة للثقل، وفي اللفظ إعلال، أصله محوط بسكون الحاء وكسر الواو، استثقلت الكسرة على الواو فنقلت حركتها إلى الحاء فأصبح محوط بكسر الحاء وسكون الواو، ثمّ قلبت الواو ياء لانكسار ما قبلها فأصبح {محيط} (انظر البقرة- 19).

.البلاغة:

1- التعبير هنا بالمسّ مع الحسنة وبالإصابة مع السيئة لمجرد التفنن في التعبير على سبيل الاستعارة المكنية. وهذا من بديع الكلام الذي تتقطع دونه الأعناق.

.الفوائد:

1- قوله تعالى: {لا يَضُرُّكُمْ} فهو مجزوم بجواب الشرط وقاعدة الفعل المضعف إذا جزم فلحركته ثلاثة أوجه: الأول أن يحرك حركة موافقة لحركة عين الفعل، الثاني أن يتحرك بالفتح لخفة الفتحة، وهناك قراءة ثالثة للفعل {يضركم} بكسر الضاد وظهور السكون على آخر الفعل. وهذه القراءة على فك إدغام الفعل المضعف لدى جزمه.